رئيس الوفد: التكامل بين وزارة الصحة وصندوق إعانة المرضى والمستشفى كان سر نجاح المخيم، وهذه (…) قصة السيدة السبعينية
حاوره: عمر عبد السيد
• “أردنا تحريك عجلة العمل الطبي بعد نقص معدل العمليات منذ اندلاع الحرب”
• “المخيم كان بمثابة سودان مصغر جمع المرضى من مختلف الولايات”
• “أجرينا 112 عملية مجانية بينها أورام وتشوهات تخلقية وإصابات”
• “واجهتنا صعوبات ونقص في الأجهزة الطبية لكننا تجاوزناها”
• “سيدة سبعينية ودعتنا بالدعاء والدموع.. كانت لحظة مؤثرة لا تنسى”
• “المخيم لم يكن خدمة طبية فقط بل فرصة لتبادل الخبرات مع الكوادر المحلية”
• “نخطط لمخيم جديد بالتعاون مع أطباء السودان في أمريكا خلال نوفمبر القادم”
• “هذه التجربة تؤكد أن تكاتف السودانيين قادر على صناعة الأمل رغم الحرب”
الرابطة تأسست عام 2005م ككيان طوعي وتضم نحو من 515 عضو من مختلف التخصصات الطبية
مقدمة:
في أجواء إنسانية تعكس قيم العطاء والتكافل، نظم وفد رابطة الأطباء السودانيين بقطر المخيم المجاني في جراحة المسالك البولية بالتعاون مع وزارة الصحة الاتحادية والولائية ومستشفى الجزيرة لأمراض وجراحة الكلى وصندوق إعانة المرضى.. وقد نجح المخيم في إجراء عشرات العمليات النوعية مجاناً للمواطنين، إلى جانب تقديم عيادات استشارية وفحوصات متقدمة، مما ساهم في تخفيف معاناة المرضى وتقليل قوائم الانتظار بالمستشفى.
في هذا الحوار نسلط الضوء على أهداف المخيم، نتائجه، التحديات التي واجهت الفريق الطبي، وخطط الرابطة المستقبلية لدعم النظام الصحي في السودان..
في البداية البطاقة التعريفية..
د. نادر إبراهيم عابدون فضل
استشاري جراحة الكلى والمسالك البولية، وُلدت بمدينة ود مدني وتنحدر أصولي من مدينة أرقو الحضور بمحلية البرقيق في الولاية الشمالية، تلقيت تعليمي العام بمدني، ثم واصلت الدراسه الجامعية بكلية الطب – جامعة الإمام الهادي ببحر أبيض.
عملت في عدد من المستشفيات داخل السودان قبل أن انتقل في العام 2019م إلى مؤسسة حمد الطبية بدولة قطر، حيث أواصل عملي بها كاستشاري.
نلت عضوية عدد من الجمعيات الطبية الإقليمية والعالمية، منها: الجمعية السودانية لجراحي الكلى والمسالك البولية، الجمعية العربية لجراحي الكلى والمسالك البولية (AAU)، الجمعية العالمية لجراحي الكلى والمسالك البولية (SIU)، جمعية الشرق الأوسط في طب الذكورة (MESSM) والجمعية الدولية في طب الذكورة (ISSM).
نرحب بكم في هذا اللقاء، رابطة الأطباء السودانيين بدولة قطر.. متى تأسست وما أبرز أهدافها؟
تأسست الرابطة عام 2005م ككيان طوعي غير ربحي تحت مظلة الجالية السودانية وبالتنسيق مع سفارة السودان بالدوحة، وتضم نحو 515 عضواً من مختلف التخصصات الطبية. أهدافنا تتلخص في تعزيز الروابط الاجتماعية بين الأطباء وترسيخ قيم التضامن والتكافل، دعم وتطوير المستوى المهني والأكاديمي للأعضاء، بجانب المساهمة في خدمة قضايا الصحة في السودان عبر مبادرات عملية مثل المخيمات الجراحية والمساهمة في إيجاد الحلول الممكنة وفق الإمكانيات المتاحة.
ما الذي دفعكم لاختيار مدينة ود مدني لإقامة هذا المخيم تحديداً؟
بعد تحرير المدينة تواصلنا مع زملائنا الأطباء هناك، وتبين أن العمليات الجراحية متوقفة منذ اندلاع الحرب. أردنا تحريك عجلة العمل الطبي بمستشفى ود مدني لأمراض وجراحة الكلى، خاصة في ظل وجود أعداد كبيرة من الحالات الحرجة: أورام متأخرة، تشوهات تخلقية وإصابات، وحالات انسداد في مجرى البول، خططنا أن نحضر قبل عدة أشهر ولظروف لم يتيسر لنا ذلك.
حدثنا عن تفاعل الجهات الرسمية مع هذا المخيم، ودلالاته؟
الحقيقة وجدنا تفاعلاً كبيراً. حيث التقينا وزير الصحة الاتحادي، ووالي ولاية الجزيرة، ووزير الصحة بالولاية، وأشادوا جميعاً بجهود الفريق الطبي. كذلك حظي المخيم بتغطية واسعة في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، مما شجع المرضى من ولايات عديدة مثل سنار، النيل الأزرق، النيل الأبيض، القضارف، وحتى ولايات شمال وغرب السودان للحضور والاستفادة، وكنا نسألهم سمعتم عن المخيم من وين؟ فيقولوا: شفناه في الإعلام وقروبات الواتساب، فالحمد لله المخيم أخذ حيز كبير في الإعلام ودا ساعد في أن يخدم عدد كبير من المرضى، وحجم الترويج والرعاية التي تمت تعكس مدى الحاجة لمثل هذه الفعاليات.
ما هي الأهداف الإنسانية والصحية التي كنتم تسعون لتحقيقها من خلال هذا المخيم؟
أهدافنا كانت واضحة: أولاً، تأكيد أن الأمن متوفر وأن الأطباء يمكنهم العمل في هذه الظروف. ثانياً، التخفيف عن المرضى عبر إجراء عمليات مجانية بالكامل، بما في ذلك تكاليف الفحوصات والأدوية. ثالثاً، دعم غير القادرين مادياً بتغطية تكاليف السفر والعلاج. وأخيراً، جمع أهل السودان في مكان واحد، وكأن المخيم كان “سوداناً مصغراً” ، حتى بعض المرضى الذين حضروا بعد ختام المخيم رتبنا لهم مع إدارة المستشفى وأجريت لهم العمليات والحمد لله.
لو انتقلنا إلى الأرقام.. كم عدد العمليات التي أجريتموها؟ وهل كانت هناك أولويات لفئات معينة مثل الأطفال أو كبار السن؟
أجرينا (112) عملية جراحية متنوعة. منها 26 عملية أورام، 29 عملية لمجرى البول والتشوهات الخلقية، 31 عملية حصاوي، 10 عمليات تشخيصية، بالإضافة إلى عمليات تضخم البروستات لمرضى ظلوا يحملون قساطر لفترات تجاوزت السنتين. بجانب ذلك كانت تستقبل العيادات المصاحبة ما بين 60 إلى 70 مريضاً يومياً، وتمت الفحوصات مجاناً حتى لو تطلب الأمر تحويل بعض الحالات إلى المناقل وسنار لعمل الأشعة المقطعية، والمستفيدون الرئيسين كانوا كل المرضى، لم نستثنٕ أحداً وكانت الأولوية لمرضى الأورام والأطفال.
حدثنا عن أهم شركائكم في هذا العمل؟ وكيف كان دورهم؟
نجاح المخيم يعود لتكامل الأدوار بين عدة جهات:
وزارة الصحة الاتحادية والولائية ساعدتا بتوفير المستهلكات الطبية والأدوية وتسهيل الإجراءات وسكن الفريق طيلة أيام المخيم، كذلك إدارة مستشفى ود مدني جهزت المرضى وغرف العمليات، أما صندوق إعانة المرضى فقد كان شريكاً أساسياً؛ ساعد في إجراءات تخليص وترحيل المعدات والمستهلكات الطبية التي أحضرناها معنا، كذلك كل إجراءات الفريق الطبي، من بورتسودان إلى كسلا ثم مدني، والعودة عبر عطبرة ثم بورتسودان، كان شباب الصندوق حاضرين ووفّروا لنا السكن والتنقل والدعم اللوجستي، بل وساهموا في تغطية تكاليف علاج المرضى ، كذلك كان لاستقبال المدير العام للصندوق للوفد بمطار كسلا أثر كبير علينا جميعاً.
ما أبرز التحديات التي واجهتكم أثناء تنفيذ المخيم؟
أكبر التحديات كانت في التنقل بين المدن والمطارات بسبب الظروف الأمنية واللوجستية. واجهنا كذلك نقصاً في الأجهزة الطبية مثل جهاز الأشعة المقطعية وجهاز الأشعة داخل العمليات. أما على الصعيد الصحي فقد واجهنا انتشار الملاريا وحمى الضنك، لكننا اتخذنا التدابير الوقائية اللازمة، والاخوة في الصندوق وفرو لينا ناموسيات والاخوة في وزارة الصحة ولاية الجزيرة وفرو سكن مريح وتهويه جيده وكهرباء وكل الجهود تضافرت لنكون مقيمين في جو مريح والحمد لله كل أفراد المخيم رجعوا آمنين سالمين إلى ديارهم.
هل من قصص إنسانية مؤثرة تتذكرونها من هذا المخيم؟
نعم، هناك الكثير من القصص المؤثرة.. منها مثلاً أحد المرضى فقد إحدى كليتيه لأنه اضطر أثناء النزوح لتأمين أسرته، وكان كل همه توفير الأمان لأولاده، لزوجته، وتأمين لقمة العيش ونسوا أنفسهم تماماً.
كذلك هناك سيدة مسنة من المرافقات تجاوزت السبعين عاماً جاءت مسرعة وافتكرنا عندها عيان تسأل من حالته .. فقالت لا .. أنا جاية أقول لكم جزاكم الله خير وأقول ليكم ربنا يجعلها في ميزان حسناتكم، وجعلت تدعو للشباب في التيم وفي المستشفى بدعاء طويل عشنا معه لحظات لا توصف، وكل الناس سالت دموعها، وأحسب أنه دعاء صادق، وقالت لنا بحرقة: أنا ما عندي حاجة أقدمها ليكم غير الدعاء.. نسأل الله يتقبل منها فكان موقفا مؤثرا جداً في كل الفريق، وكان هذا من أبلغ اللحظات المؤثرة التي لن ننساها، ومثل هذه المواقف تجعلك تنسى كل التعب وكل الرهق والسفر من الدوحة إلى بورتسودان إلى كسلا إلى مدني ثم من مدني إلى الخرطوم ومن الخرطوم إلى عطبرة ومن عطبرة إلى بورتسودان ثم إلى الدوحة.
إلى جانب الخدمة الطبية، هل كان هناك جانب تدريبي للأطباء المحليين؟
بالتأكيد. شارك الأطباء المحليون والنواب في العمليات، خاصة المعقدة منها، مما أتاح لهم فرصة التعلم العملي المباشر. هذا يسهم في رفع القدرات الطبية بمستشفى ود مدني ويضمن استمرارية الفائدة بعد انتهاء المخيم.
ما الذي تحتاجونه لضمان استمرارية مثل هذه البرامج في السودان؟
ما نحتاج إليه لاستمرارية العمل ومثل هذه المخيمات هو الشراكات مثل هذه الشراكات المحلية من المهم يكون عندك شراكات تعمل على الأرض في السودان ترتب الوضع والحركة والسفر والإقامة مثل شراكتنا مع صندوق اعانة المرضي ووزارة الصحة كانت شراكه مميزة ومع وزارة الصحة الاتحادية ومستشفى مدني والأطباء السودانيين في قطر كانت شراكة مميزة لان الواحد لا يستطيع عمل كل شيء فالشراكات مهمه في إنجاح أي عمل.
ما خططكم المستقبلية بعد نجاح هذا المخيم؟
نخطط لتنظيم مخيم جراحي بالتعاون مع مجموعة سابا للأطباء السودانيين بأمريكا في نوفمبر 2025 بولاية الخرطوم، يستهدف تخصصات العيون والعظام والجراحة العامة والباطنية، كذلك ندرس إمكانية إقامة مخيمات جديدة في ولايات أخرى مثل النيل الأبيض والنيل الأزرق متى ما توفرت الظروف المناسبة.
رسائل للأطباء السودانيين في الخارج ودورهم في دعم استقرار النظام الصحي..
رسالة لكل الأطباء السودانيين من الخارج والداخل أنه الآن السودان… لكل أبناء السودان، أطباء وغير أطباء فالسودان محتاج لنا وأن تضيء شمعة خير من أن ترعى في الظلام ألف مرة فكل مننا يضيء شمعة، كل مننا يساهم بما يستطيع حتى لو ممكن تجي بصورة فردية ولا مخيم تجي بصورة فردية تعمل في مكان معين في جراحة معينة أو في قسم باطنية معين تجي تأدي الخدمة في المستشفى الأقرب لبيتك، لمدينتك تساعد الشباب الموجودين لأنه طبعا أغلب الكوادر هاجرت ونزحت مع الحرب، فالآن أصبحت المستشفيات تعاني من نقص كبير في الأساتذة الكبار الاستشاريين والأخصائيين حتى النواب فهناك نقص في الكوادر الصحية كل مننا يدلوا بدلوه، وأنا متأكد لو كل واحد فينا عمل حاجة الصحة إن شاء الله سينصلح الحال، وكل منا إذا أوقد أوقد شمعة سيضيئ السودان من جديد بإذن الله تعالى.
رسائل وكلمات شكر لمن توجهها؟
في البداية نشكر الله سبحانه وتعالى أن يسر لنا هذا العمل، ثم رسالة شكر للسيد وزير الصحة الاتحادي د. هيثم محمد إبراهيم الذي تفاعل معنا بمجرد ما خاطبناه، لم يتأخر في الموافقة وكان خير داعم لنا، ونشكر كل طاقمه الوزاري ونشكر أيضا الأستاذ الطاهر إبراهيم الخير والي ولاية الجزيرة الذي أتى إلينا وتفقد المخيم ووقف على نواقص المستشفى ووزير الصحة بولاية الجزيرةد. أسامة عبدالرحمن وصندوق إعانة المرضى الذي قام بكل الترتيبات من تجهيز القافلة وإيصال المعدات والمستهلكات والترحيب والتنسيق الاستقبال والتسيير والنقل من مدينة لمدينة عن طريق عربات الصندوق والتنسيق المحكم، ما أن نصل منطقة إلا ونجد شباب الصندوق في انتظارنا ومرتبين السكن والاحتياجات، حتى أننا استحيينا، فنشكرهم على التنسيق العالي والروح العالية والعمل الجماعي في صندوق إعانة المرضى حقيقة تحس بأن الصندوق هو شبكة من ناس كلهم مدربين وكلهم على مستوى عالي من التنسيق والترتيب والمهنية فما بتلقي فراغات في النصف بين الأتيام يعني بين تيم كسلا ومدني نحن لاقينا التيم الفي كسلا، الان المكتب الرئيسي في كسلا بقيادة الدكتور كمال الدين يعقوب ولاقينا تيم مدني ولاقينا التيم الموجود في عطبرة وبالتأكيد تيم بورتسودان فكلهم ما شاء الله الأتيام متناسقة تعمل في تناغم عالي جدا والشكر أجزله أيضا لمستشفى الكلي لإدارة المستشفى المدير العام د. أبوبكر عبدالحي ونائبه وكل الاسطاف وأخونا الاستشاري دكتور عبد المحمود وكل الطاقم من التمريض والتحضير وفنيي التخدير نشكرهم جداً وأيضاً لا ننسى أن نشكر أخصائيي واستشاريي التخدير بمدينة مدني ونشكر دكتورة ألاء ودكتورة ميادة وكل الأطباء والنواب والأخصائيين في التخدير الذين كانوا معانا يد بيد وكتف بكتف حتى تم المخيم فأشكرهم جميعاً.
كلمة أخيرة ..
هذه التجربة تؤكد أن التكاتف بين السودانيين في الداخل والخارج قادر على صناعة الأمل رغم قسوة الظروف.


لا تعليق